كلمة أستاذ الكرسي

      الحمد لله العزيز الوهاب القائل في محكم كتابه: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) (الإسراء:12)، والصلاة والسلام على من أمره ربه بأخذ الزكاة من أصحاب الأموال بقوله:(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا...) (التوبة:103)، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛ فبفضل من الله تصدرت جامعة الملك عبد العزيزـ جامعة المؤسس ـ كما هي عادتها في تأسيس أول كرسي علمي لدراسات وأبحاث فقه ومحاسبة الزكاة؛ بهدف الارتقاء بمجال حيوي وهام من مجالات العلم، وتفعيله وتطويره وفقاً لمستجدات العصر ونوازله خدمة للدين والوطن والأمة.

     وبلا شك فإن كرسي معالي الدكتور عبد الهادي بن حسن طاهر لدراسات وأبحاث فقه ومحاسبة الزكاة له أهمية خاصة يستمدها من أهمية الزكاة ذاتها باعتبارها ركناً من أركان الدين الإسلامي، وفريضة من فرائضه لا يصح إسلام المرء إلا بأدائها، وهي في نفس الوقت واجب من أهم واجبات الدولة قديمًا وحديثًا؛ خاصة بعد أن تنوعت مجالات استثمارات الأموال، وتوسعت الثروات، وتعددت مصادر التمويل؛ وظهرت الشركات ذات رؤؤس الأموال الكبيرة وخاصة شركات المساهمة، واتسع نطاق السوق، وازدادت عمليات التبادل، وأصبح النشاط الاقتصادي يتم من خلال وحدات قائمة ومستمرة، وازدادت أهمية الإنتاج الصناعي، وتعددت طرق تمويل المشروعات ... وظهرت شركات متخصصة في تأجير العقارات، وبيع الوحدات السكنية، وتخطيط الأراضي الشاسعة وبيعها، كما ظهرت شركات متخصصة في تأجير وسائل النقل (البري والبحري، والجوي) ... إلى غير ذلك من رؤوس الأموال الثابتة والمتداولة التي تدر على أصحابها أموالاً غزيرة. وقد جد كثير من الاجتهادات والآراء في حكم زكاة هذه الأموال وإيراداتها، وتنوعت النسب والشروط، وتباينت وجهات النظر، وبلا شك فإن المعالجة المحاسبية, ومن ثم تحديد الوعاء الزكوي ستختلف باختلاف هذه الآراء؛ وهذه الخلافات وإن كانت تظهر في بدايتها كمشكلات فقهية إلا أنها في واقع الأمر مشكلات محاسبية يجب أن تتجلى فيها قدرات المحاسبين في القياس بناء على مفهومهم وتكييفهم المحاسبي للقديم من صور الأموال والمستحدث منها، وتحديدهم للوعاء والاستقطاع الزكوي من مال المسلم تطبيقًا وتطويعًا للمحاسبة وطاقاتها لتزكية أموال المسلمين، ورفعًا للبس والاجتهاد المحاسبي الفقهي المتأرجح.

      وبناءً على ما سبق؛ فإن أهمية الكرسي تنبع من الحاجة الملحة للمبادرة بدراسة القضايا والمشكلات المتعلقة بالزكاة، بشقيها الفقهي والمحاسبي؛ إذ لا غنى لأي منهما عن الآخر، كما أن الكرسي سيسهم بإذن الله في تحقيق أهداف الجامعة ورسالتها السامية في مجالي البحث العلمي وخدمة المجتمع.

     ويسرني هنا أن أتقدم بخالص الشكر والتقدير لداعم هذا الكرسي معالي الدكتور عبد الهادي بن حسن طاهر؛ سائلاً المولى عز وجل أن يجعل ما قدمه من دعم في موازين عمله وصحائف حسناته، وأن يبارك الله صحته وأهله وماله وعمره وعمله، والشكر موصول لمعالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور أسامة بن صادق طيب على دعمه وتشجيعه إنشاء الكراسي العلمية في الجامعة بصفة عامة، وهذا الكرسي بصفة خاصة، سائلاً الله أن يحقق أمله الذي أعلنه في حفل توقيع عقد هذا الكرسي بأن يصبح مركز تميز بحثي، كما لا يفوتني أن أشكر أخي الفاضل الأستاذ الدكتور حسام بن عبد المحسن العنقري على جهوده المتواصلة، ومتابعته المستمرة لمسيرة هذا الكرسي منذ تقديمه كمشروع مقترح لكرسي علمي،،، جزى الله الجميع خير الجزاء، وبارك الجهود، وسدد الخطى، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعيننا على الرقي بهذا الكرسي، وتحقيق أهدافه خدمة لديننا ووطننا ونهوضاً بمجتمعنا وأمتنا إنه ولي ذلك والقادر عليه ,,,,,,,
 

 

آخر تحديث
12/18/2012 9:05:29 AM